هذه الرجمة نقلتها من تحقيق لمنظومة الشيخ ( القواعد المليحة ) ومنظومته ( تخميس لامية شيخ الإسلام ابن تيمية )
اسمه ونسبه:
هو الشَّيخ العلَّامة الدَّاعية الفقيه الفَرَضي الأديب محمَّد
صالح بن الشَّيخ عبدالله بن الشَّيخ مصطفى العبَّاسي، الجناحي مولداً، البحريني موطناً ووفاةً، الشَّافعي مذهباً .
مولده ونشأته :
ولد الشيخ : في قرية جناح ببلاد فارس، سنة 1905م تقريباً، وهناك نشأ وترعرع،
وتلقَّى العلوم الشرعيَّة على والده الشَّيخ عبدالله وعلماء بلدته، لاسيَّما على
الشَّيخ العلَّامة الرُّحلة عبد الرَّحمن بن مُلَّا يوسف الخالدي ([2]) الملقَّب بـ $سلطان العلماء#، أمَّا عن تاريخ دخوله
البحرين فلا نعلم متى دخل تحديداً، لكنَّ الغالب أن دخوله كان بين 1920 م و 1925 م
تقريباً، أي في العشرينيات القرن المنصرم، حيث قدم البحربن وهو شاب .
علمه ودعوته :
كان : من كبار علماء البحرين، ومن البقيَّة
الباقية من سلسلة جليلة من أفاضل أهل العلم فيها، انقرضوا واحداً بعد واحد، أمَّ وخطب بمسجد بن جَمْعَان $ جامع السُّوق # ([3])، تفنَّن في جملةٍ من العلوم الشَّرعية وأتقنها،
لاسيَّما الفقه والنَّحو والفرائض، وكان متذوِّقاً للأدب، محبَّاً للشِّعر، مجيدً
لنظمه، ونظمه أقرب ما يكون إلى نظم الفقهاء والحكماء .
امتهن
التِّجارة فكان من تجَّار سوق المنامة يبيع البزَّ بدكَّانه القريب من جامع بن جَمْعَان،
عُرِض عليه القضاء عدَّة مرَّات فرفضه ([4])، قضى جلَّ حياته في التَّدريس والإرشاد
والإفتاء والخطابة والزَّعامة، يُرَغِّب الشَّباب في طلب العلم وحفظ المتون
العلميَّة، ويشجِّعهم على الالتزام والتَّخلُّق بأخلاق أهل العلم وطلبتها ([5]).
مذهبه الفقهي :
كان
الشيخ ـ : ـ كما هو معروف شافعي المذهب تعلُّماً وتعليماً وتدريساً، إلا
أنه مع اتباعه لمذهب الإمام الشافعي ـ : ـ كان ينبذ التَّعصُّب لأيِّ مذهب من
المذاهب في الفتوى، ويبحث عن الحقِّ بالأدلَّة والبراهين، سواء وافق مذهبه الشَّافعي
أو خالفه، ويصرِّح بما يترجَّح لديه من أقوال الأئمة المجتهدين ـ رحمهم الله تعالى
ـ ويجاهر به، بل كان يفتي أحياناً بخلاف المشهور المعروف لدى أتباع المذاهب
الأربعة، اتِّباعاً للدَّليل وعملاً بالرَّاجح، مما يثير جدلاً كبيراً أحياناً
بينه وبين أهل العلم، وكان ـ : ـ يقول : $ الحَقُّ أَحْقُّ
أَنْ يَتَّبَعْ #، كلُّ ذلك مع تَوَاضعٍ جَمٍّ، وخُلُقٍ عَظِيمٍ، وأَدَبٍ
رَحْبٍ، وإقبالٍ على طلبةِ العلم، وفي هذا يقول :
والشَّافِعِي إِمَامُنَا وَمَالِكُ
|
*
|
وَأَحْمَدُ الحَبْرُ الخَبِيرُ السَّالِكُ
|
كَذَا
ابْنُ ثَابِتٍ إِمَامُ الأُمَّهْ
|
*
|
عَلَى الهُدَى وَسَائِرُ الأَئِمَّهْ
|
وهذا
هو سِمَة العلماء المنصفين الذين لا يتعصَّبون لقولٍ دون قولٍ، ولا لإمامٍ دون
إمامٍ، ولكن يتمسَّكون بالدَّليل، فيدورون معه حيث دار، فليس بمعيب بأن يتمذهب العالم
أو طالب علم بمذهب معيَّنٍ من مذاهب أئمة هذا الدِّين، لكن المعيب بأن يعتقد أنَّ
المذهب الذي سلكه هو المذهب الحق، وأن المذاهب الأخرى باطلة، ولا شك بأن هذا التَّعصُّب
هو الذِّي ذمَّه العلماء من المذاهب الأربعة كلها، ورحم
الله الإمام الشافعي حيث قال : $ إذا صحَّ الحديث فهو مذهبي # .
أخلاقه وصفاته :
يقول
النبي ص * إنما
بعثت لأتمم مكارم الأخلاق & ([6]) ، فقد كان ـ : ـ متصفاً بالآداب
القرآنيَّة، وملتزماً بالأخلاق النبويَّة، من التَّواضع والزهد والعبادة، والغِيرة
على الدِّين والدِّفاع عنه، من غير تعصُّبٍ ولا تحزُّب، فكان ـ : ـ حريصاً كلَّ
الحرْصِ على مخالطة النَّاس وعدم الاعتزال، في أسواقهم ومجالسهم وأفراحهم وأتراحهم،
موجِّهاً ومرْشِداً ومفتياً، آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، فقد كان ـ : ـ يرى أنَّ واجب
العلماء ورسالتهم الكبرى إنَّما هي في تحسُّس مشاكل النَّاس وتعاهد مجالسهم،
ليقوموا بالنُّصح والإرشاد وتفقيههم في أمور دينهم ودنياهم، والسَّعي في حلِّ
مشاكلهم وموجِّهاً لهم في مصائبهم، عملاً بقول النَّبي ص * المُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى
أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلا يَصْبِرُ
عَلَى أَذَاهُمْ & ([7]) .
ويروى
عنه في مقام الأمر بالعروف والنهي عن المنكر، أنه مرَّ يوماً بشارع الشَّيخ
عبدالله ـ فريق المخارقة ـ فسمع أحدهم يسبُّ عمر بن الخطارب س ، فغضب عليه الشَّيخ
غضباً شديداً وضربه بيده على أنفه حتى سقط، وتمجمَّع النَّاس، ولم يستطع أن يشتكي
عليه لمعرفته بمكانة الشَّيخ وإحساسه بخطئه، ويقال بأنَّه أصبح مقرَّباً من الشَّيخ،
فيأتيه ويسأله عن المسائل المشكلة ليجيب عنها ـ : ـ .
تواصله مع علماء عصره :
كان ـ : ـ لغزارة فهمه وسعة اطِّلاعه ملجأً لكثيرٍ
من أهل البلاد وخارجها، يستفتونه في النَّوازل والمسائل المسْتَحْدثة، حتَّى بعض
كبار العلماء والقضاة البحرين يرجعون إليه ويستفتونه في عويصات المسائل ومستعصيات
القضايا، محبّاً للعلماء والمشايخ وطلبة العلم مجلَّاً ومعظِّماً لهم، مواصلاً لهم
بزيارتهم في البيوت والمجالس، ومطالعاً لمؤلفات معاصريه .
وأول
ماعرفته وارتسمت صورته في ذهني من خلال زيارة والدي الشَّيخ المقرئ محمَّد سعيد
الحسيني حفظه الله تعالى له، وكانت بينه وبين والدي صداقة وموَّدة، وأذكر أنَّي
رأيته مع والدي عدَّة مرَّات، فقد كان ـ : ـ مواصلاً لمشايخ
بلده كالشَّيخ عبد الله كجوي والشَّيخ عبد الله نور محمد العبَّاسي، والشَّيخ
عبَّاس محمد نور العبَّاسي، والشَّيخ محمد رشيد جناحي، والشّيخ القاضي عبدالرحمن
المهزع، وغيرهم، وقد كانت صلته بالشَّيخ عبد الرحمن المهزع قويَّة، سئل مرَّة عن
الشَّيخ العبَّاسي فأجاب : $ بأنَّه مستشار القضاة#، وذلك لرجوع
القضاة والمشايخ إليه في المسائل الصعبة وللاستشارة، واستمرَّ مواصلاً للعلماء حتَّى
أقعده المرض قبل وفاته بسنوات .
ومما
يستحسن ذكره هنا أنَّ الشَّيخ ـ : ـ لما اطَّلع على كتاب الرَّد الشَّافي للقاضي
العلامة أحمد بن حجر آل بوطامي البنعلي الشَّافعي (ت : 1423 هـ)، قال : $ لقد تصفَّحت كتاب
الرَّد الشَّافي الوافر ([8]) للعلامة السَّيد أحمد بن حجر البنعلي قاضي
قطر، وقرأته فرأيته كتاباً شافياً في بابه فقرَّضته بهذه الأبيات : [
بحر الخفيف ]
دَامَ لِلدِّينِ عِزُّهُ وَرِجَالُهُ
|
*
|
كَمْ حَمَى عِنْ حِيَاضِهِ أَبْطَالَهْ
|
سَرَّ قَلْبِي سِفْرٌ وَجِيْزٌ لَطِيْفٌ
|
*
|
مَا يُرَى مِثْلُهُ وَلَا مِنْوَالَهْ
|
قَدْ تَوَلَّى تَأْلِيْفَهُ ذُو ذَكَاءٍ
|
*
|
لَا يُجَارَى عُلَاهُ أَوْ أَفْضَالَهْ
|
مِنْ رِيَاضِ العِلْمِ أَلَّفَ فِيهِ
|
*
|
ثَمَراً آنَ يَنْعُهُ وَنَوَالَهْ
|
كَمْ حَوَى سِيْرَةَ الرَّسُوْلِ المُفَدَّى
|
*
|
ثُمَّ تَارِيخُ مُعْجِزٍ إِجْمَالَهْ
|
وَعَلَي الهِنْدِ فِيْهِ قَدِ رَدَّ صِدْقاً
|
*
|
شُبَهاً مَا أَصَابَ فِيْهَا خَيَالَهْ
|
وَدِفَاعاً حَقّاً وَذَبّاً عَجِيْباً
|
*
|
عَنْ مَقَامِ الأُمِيِّ عَزَّ مَنَالَهْ
|
فَشَفَى وَاشْتَفَى بِرَدٍّ مَرِيْعٍ
|
*
|
مُقْنِعٍ مُفْحِمٍ صَحِيحٍ مَقَالَهْ
|
مَنْطِقٌ وَاضِحٌ أَدِلَّةُ حَقٍّ
|
*
|
مِنْ كِتَابٍ للهِ جَلَّ جَلَالَهْ
|
وَمِنَ السُّنَّةِ السَّنِيَّةِ فِيهِ
|
*
|
وَاضِحَاتُ المَنَارِ وَاسْتِدْلَالَهْ
|
وَمِنَ الرَّاسِخِينَ في العِلْمِ حَــاوٍ
|
*
|
حُجَجاً يَسْتَبِينُ مِنْهَا كَمَالَهْ
|
كَيْفَ لَا وَهْوَ مِنْ قَرِيْحَةِ حَبْرٍ
|
*
|
لَا يُجَارَى وَنَادِراً أَمْثَالَهْ
|
أَحْمَدُ ابْنُو حَجْرٍ مِنْ آلْ بُوطَا
|
*
|
مِي جَمِيْلٌ طِبَاعَهُ وَخِصَالَهْ
|
وَإِلى البِنْعَلِي يُنْمَى وَيُسْمَى
|
*
|
طَابَ أَصْلاً وَطَابَ صِدْقاً فِعَالَهْ
|
دَامَ لِلْعِلْمِ لِلتَّمَسُّكِ بِالحَقِـ
|
*
|
ـقِ وَلِلذَّبِّ عَنْ حِمَى الدِّيْنِ قَالَهْ
|
محمد صالح العبَّاسي #
يقول
شيخنا نظام يعقوبي : من مواقفه التي لا أنساها في الأمر بالمعروف والنَّهي عن
المنكر، أنَّه صادف أنِّي اطَّلعت على كتاب خبيث يروج للبدع والخرافات، ويدعو إلى
الفتن، فعرضته عليه، وقرأتُ له فقرات منه، فغضب غضباً شديداً، وطلب إليَّ أنَّ
اشتري له نسخاً أخرى ليقوم بإطْلاع المسئولين عليها، ففعلت ذلك امتثالاً لأمره،
ولمَّا أطْلَع المسئولين على الكتاب، وعلموا خطورته وانحرافه، مُنِعَ من الأسواق،
وسُحِب إلى وقتنا هذا .
مواقفه وآرائه :
لقد أثارت بعض اجتهادات الشيخ
ـ : ـ وفتاواه الجريئة الجدل
في الأوساط العلميَّة، فكانت محل أخذٍ وردٍّ بين العلماء، فالجمود الفكري من أسباب تخلف أمتنا،
ولهذا أعمل الشيخ ـ : ـ فكره في المسائل
الخلافية والمسائل المستحدثة، يقلب المسائل ويبحث عن الدليل، مع استحضار مقاصد
الشريعة ومرادها، وانتفاء ما يعارضها، ثُمَّ يفتي بما يتوصَّل إليه، لاسيَّما في المسائل
المستجدَّة، وفي هذا يقول :
فَلَا تَعْجَبْ فَفِي الدُّنْيَا عُلُوْمٌ
|
*
|
حَوَاهَا
قَلْبُ أَهْلِ الإِطِّلَاعِ
|
فَفَوْقَ عُلُومِنَا عِلْمٌ كَثِيْرٌ
|
*
|
حَوَتْه
عُقُولُ أَهْلِ الإِخْتِرَاعِ
|
وَفَي إِثْبَاتِهِ أَعْلَى دَلِيلٍ
|
*
|
فَفَكِّرْ
فِي الأَدِلَّةِ وَالسَّمَاعِ
|
فمن
هذه المسائل التي أفتى بها ونصرها : جواز سياقة المرأة للسيارة، وجواز دخول المجالس
النيابيَّة الوضعية للإصلاح ودرء المفاسد، وإمكانيَّة الصعود إلى الفضاء والهبوط
على القمر لأنَّه لا يمتنع شرعاً ولايستحيل عقلاً، وغير ذلك من المسائل المثارة في
واقعنا المعاصر .
والشيخ ـ : ـ كان من القلائل الذين يَرْون بضرورة
المشاركة في المجالس النِّيابيَّة، طلباً للإصلاح ودرءً للفساد وسدّاً للثَّغرات، ما
استطاع إلى ذلك سبيلاً بالوسائل المتاحة، فَرشَّح نفسه للمجلس الوطني أيام
الإنتخابات البرلمانيَّة سنة 1973 م، رغم كبر سنِّه وبعده عن الحياة السِّياسية،
وذلك بعد إلحاح أهل الدِّين عليه لكي يصلح، وكان شعاره : [ بحر الوافر ]
لَقَدْ رَشَّحْتُ نَفْسِـي لَا أُبَالِي
|
*
|
بِمَنْ لَا يَرْتَضـي الإِسْلَامَ دِينَا
|
يُرَشِّحُنِي بِعَوْنِ اللهِ قَوْمٌ
|
*
|
مَيَامِينٌ تُقَاةٌ مُصْلِحِينَا
|
وعندي صورة هذا الإعلان الانتخابي، وفيها صورته وثلاثة أبيات، لا أعلم أين وضعتها حاليًا، وسأضعه لاحقًا بإذن الله.
كما
أنَّ هذا الاعتدال والإنصاف وعدم الغلوّ قد انعكس أيضاً على مسلكه في التَّصوف
والعبادة، فقد اتسمت عبادته بالاعتدال والاتباع، القائم على الكتاب والسُّنة ونبذ
البدع والخرافات، ولذلك انتسب إلى الشَّيخ الجنيد بن محمد القواريري سيِّد الطَّائفة
نفسه، ولم ينتسب إلى غيره من الطُّرق الصُّوفيَّة الأخرى، وبيَّن سبب اختياره لهذا
المسلك لأنَّه موافق للشرع مجانب للبدع، فقال :
وَإِنَّمَا طَرِيقَةُ الجُنَيْدِ
|
*
|
طَرِيقُ حَقٍّ صَائِبٍ سَدِيدِ
|
لَأَنَّهُ
كَانَ وِفَاقَ مَا شَرَعْ
|
*
|
لَنَا الإِلَهُ فِي اعْتِزَالٍ لِلْبِدَعْ
|
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية عن الجنيد : $ وأما أئمة الصوفية والمشايخ المشهورون من
القدماء مثل الجنيد بن
محمد وأتباعه، ومثل الشيخ عبد
القادر وأمثاله، فهؤلاء من أعظم الناس لزوماً للأمر والنهي،
وتوصية بإتباع ذلك # ([9])، وقال : $ فمن سلك مسلك
الجنيد من أهل التصوف والمعرفة كان قد اهتدى ونجا وسعد # ([10]) .
تلامذته :
كان
لتبحُره في علوم الشريعة وتمكُّنه من اللغة وإجادته للشعر الأثر البالغ في إقبال
الطلبة والمستفيدين عليه، فقد درَّس القرآن الكريم والفقه والحديث والتفسير والنحو
والفرائض والشعر، وغير ذلك، فاستفاد منه عددٌ كثير من طلبة العلم في البحرين
وغيرها ، ومن أشهرهم :
1ـ الأديب الشاعر المؤرِّخ الأستاذ مبارك بن راشد بن جاسم الخاطر ( ت : 1422 هـ ) .
2ـ الشاعر الأديب سعادة الشيخ خالد بن محمد آل خليفة ( ت : 1412
هـ)، يقول عن شيخه في قصيدة له :
وَهَذَا سَيِّدِي شَيْخِي وَذُخْرِي
|
*
|
وَمَنْ فِي العِلْمِ حَازَ طَوِيلَ بَاعِ
|
غَذَانِي العِلْمَ فِي صِغَرِي نَمِيراً
|
*
|
كَمَا يُغَذَّى صَغِيرٌ بِالرَّضَاعِ
|
وَأَدَّبَنِي بِآدَابٍ تَجَلَّتْ
|
*
|
بِأَخْلَاقٍ لَهُ خَيْرُ الطِّبَاعِ
|
مُحَمَّدٌ صَالِحٌ قَوْلاً وَفِعْلاً
|
*
|
إِلَى العَبَّاسِ يُنْمَى بِاتِّبَاعِ
|
3ـ الشَّيخ
الفقيه المسند نظام محمد صالح يعقوبي العبَّاسي، حفظه الله تعالى .
4ـ الشَّيخ عبد الصَّمد بن الشَّيخ محمد رشيد العوضي، حفظه الله
تعالى، قرأ عليه الأربعين النوويَّة مع شرح الشَّيخ لها، وأنا بحمد الله قرأتها عليه بتمامها وبحضور أخي الشيخ حسن الحسيني، يقول الشَّيخ عبد الصَّمد
: $ كان الشَّيخ محمد صالح العبَّاسي ـ : ـ ابن تيميَّة
البحرين # .
5ـ والشَّيخ عبد الحميد القشندي، من قرية توريان بجزيرة قشند، قرأ
عليه عمدة السَّالك وعدَّة النَّاسك في الفقه الشَّافعي لابن النَّقيب المصري، وغيرهم
الكثير .
مؤلفاته :
إنَّ ممَّا يؤسف له أنَّ مكتبة الشَّيخ ـ : ـ قد ضاعت، فلا ندري إلى أين ذهبت وعند من
تحوَّلت، وهنا أقول : كم عالم بحريني فقدنا أعماله، وكم شاعر ومثقَّف بحريني ضاع تُراثه،
وكم رجل علم بحريني ضاعت مكتبته بين وَرَثَتِه، وكم، وكم ... ستطول القائمة، نحن
بحاجة إلى تكاتف جهود الأفراد والمؤسَّسات لجمع تُراث علمائنا والحفاظ على
مكتباتهم، وتسطير تراجمهم وسيَرهم، فهل فكَّر طلبة العلم عندنا يوماً في إبراز تُراث علماء
البحرين وشعرائها وأدبائها وحمياتها من الزَّوال ؟ أو دراسة شخصيَّاتهم
ومؤلفاتهم وما قاموا به من الجهود العلميَّة
والدَّعويَّة ؟؟
وبعد
البحث والتَّنقيب وقفت على بعض رسائله ومؤلفاته ومنظوماته، ومنها مراسلات الشَّيخ
ـ : ـ التي كان يرسلها أو يكتبها والَّتي كان غالبها
نظماً، حتَّى الخطابات الرَّسميَّة التي يخاطب بها المسئولين كان في أغلبها نظماً،
كما أنَّ نَثْرَه اتَّصف بالسَّجع في أكثر الأحوال، فقد كان ـ : ـ مكثراً من النَّظم،
فنظم في المواضيع الدِّينيَّة والعلميَّة والسِّياسيَّة والاجتماعيَّة والهزليَّة
والرمزيَّة، وأغلبها في النَّصائح والمواعظ، فمن منظوماته ومؤلفاته :
1. العِظَةُ الدَّهْرِيَّة
: منظومة من بحر الكامل، اشتملت على (المواعظ) و(النَّصائح) و (التَّوحيد) وعدد
أبياتها ( 157) بيتاً، نظمها في سلخ رمضان 1355هـ، أوَّلها :
حَمْداً
لِمَنْ يُرْجَى عَطَاهُ وَيُرْهَبُ
|
*
|
مَنْ بِاسْمِهِ وَبِهِ المَعُوْنَةَ
اطْلُبُ
|
ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى نَبِيٍّ خَاتَمِ
|
*
|
وَهْوَ الرَّسُوْلُ الأَبْطَحِيُّ
الأَنْسَبُ
|
وَعَلَى
جَمِيعِ الآلِ وَالأَصْحَابِ هُمْ
|
*
|
سُفْنُ السَّلَامَةِ هُمْ
نُجُومٌ نُخَبُ
|
وآخرها :
تَارِيخُ نَظْمِي
هَا أُبَيِّنُ مُجْمَلَا
|
*
|
(
غَفَرَ الإِلَهُ بِهَا ) لِمَنْ هُوَ يَحْسِبُ
|
فِي سَلْخِ شَهْرِ
الصَّوْمِ تَمَّ وَمَنْزِلِي
|
*
|
عِنْدَ
الكِرَامِِ بَنِي الملُوْكِ النُّجُبُ
|
آلُ الخَلِيْفَةِ
رَبِّ أَرْغِدْ عَيْشَهُمْ
|
*
|
وَاحْفَظْ
وَوَفِّقْهُمْ لِمَا هُوَ أَصْوَبُ
|
وَعَلَى جَمِيعِ
الآلِ وَالأَصْحَابِ هُمْ
|
*
|
سُفْنُ
السَّلَامَةِ هُمْ نُجُومُ نُخَبُ
|
ثُمَّ الصَّلَاةُ
عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ
|
*
|
شَرُفَتْ بِتُرْبَتِهِ
الكَرِيمَةِ يَثْرِبُ
|
وَكَذَا عَلَى آلِ
الرَّسُوْلِ وَصَحْبِهِ
|
*
|
مَا لَاحَ بَرْقٌ
أَوْ تَلَأْلَأَ كَوْكَبُ
|
( الَحقَّ أُبْدِي
) عَدُّهَا وَخَتْمَتُهَا
|
*
|
عَوْنِي الإِلَهُ
لَهُ الثَّنَاءُ الأَطْيَبُ
|
2. أُرْجُوْزَةُ النَّصَائِحِ
وَالحِكَم، والمسَمَّى بـ $ مُزِيْلِ الظُّلْمَةِ فِي النَّصِيْحَةِ وَالحِكْمَةِ
# ([11]) : من بحر
الرجز ، وعدد أبياتها ( 192 ) بيتاً، أوَّلها :
الحَمْدُ
للهِ الحَكِيمِ الَهادِي
|
*
|
مُبَيِّنُ
الضَّلَالِ وَالرَّشَادِ
|
ثُمَّ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَبَدَا
|
*
|
عَلَى
رَسُوْلِ اللهِ مِصْبَاحِ الُهدَى
|
وآخرها :
وَالحَمْدُ
فِي الأُوْلَى لَهُ وَالآخِرَهْ
|
*
|
تَارِيخُ
نَظْمِي مُجْمَلٌ فِي المغْفِرَهْ
|
أَمْلَى
مُحَمَّدْ صَالِحُ العَبَّاسِي
|
*
|
يَرْجُوْ
بِهِ ثَوَابَ رَبِّ النَّاسِ
|
أَبْيَاتُهُ
تِسْعُونَ مِنْ بَعْدِ المِيَهْ
|
*
|
فَاحْفَظْهُ
تَرْقَى الدَّرَجَاتِ السَّامِيَهْ
|
3. مُرِيحُ الفِكْرِ في
بَابِ الذِّكْرِ : رسالة طبعت بالهند بالمطبعة الحجازية، في 14 شعبان سنة 1359 هـ([12])، وموضوعها بيان فضل الذكر والجهر به،
والذكر بلفظ الجلالة : $ الله الله #، وبلفظ : $ هُو هُو #، وقد ردَّ على
هذه الرسالة الشيخ حامد محمد عبد الله العبادي في رسالة سمَّاها : $ البيان الشَّافي في تصحيح ما جاء في رسالة
العبَّاسي # .
أقول : أما المسألة الأولى فخلافية والكلام فيها يطول، وأمَّا الذكر
بـ $ الله الله #، فهذا ليس بذكر مشروع
ولم يرد عن النبي ص ولم ينقل هذا عن أحد من السلف ولا العلماء المعتبرين، وأما
الذكر بـ $ هُو هُو #، وتعليله بأنه اختصار للفظ $ الله # أي الاقتصار على $ الهاء # من لفظ الجلالة، فهي
ليست بكلمة مفيدة فضلاً بأن تكون ذكراً، ومع احترامي لمن قال به إلا أن الحق أحق
أن يتبع ([13]) ، كما أن هذه المسألة قد أثيرت سابقاً في البحرين
وقد ردَّ عليها علماء البحرين وقضاتها وبيَّنوا بدعية ذلك، منهم : الشيخ القاضي
عبد اللطيف السعد والقاضي عبداللطيف بن علي الجودر، وقد عزز هذه الفتوى علامة عصره
ووحيد مصره الشيخ القاضي قاسم بن مهزع بتقريره وتصديقه عليه فبرز تبراً مسبوكاً في
الحق والإنصاف، والحمد لله، والشيخ عبدالله بن إبراهيم الصحاف، رحم الله الجميع
وأسكنهم فسيح جناته ([14]) .
4. القَوَاعِدُ المَلِيحَةِ
فِي فَنِّ النَّحْو : وهي منظومتنا هذ، وهي منظومة من بحر الرَّجز، وهي نظم لمتن الآجروميَّة
في النَّحو، في (181) بيتاً .
5. مُنَاجَاتٌ إِلَى بَابِ
قَاضِي الحَاجَاتِ : منظومة من بحر الكامل، عدد أبياتها ( 25 ) بيتاً، نظمها
بتاريخ 26 / 9 / 1382هـ، ملحقة بآخر الكتاب .
6. تَخْمِيْسُ أَبْيَاتٍ
فِي التَّوْحِيْدِ : منظومة من بحر الكامل، وهي تخميس لمنظومة شيخ الإسلام ابن
تيميَّة والتي عدد أبياتها خمسة عشر بيتاً، فخمسَّها الشَّيخ ـ : ـ إلى ( 75 ) شطراً،
ثمَّ أضاف عليها ( 15 ) شطراً من عنده جعلها خاتمة للتَّخميس، فكان التَّمام ( 90
) شطراً، وقد طبعت هذه التَّخميسة قديماً في حياة الشَّيخ ـ : ـ، أوَّلها :
أَللهَ أَسْأَلُ أَنْ يُخْلِصَ نِيَّتِي
|
*
|
أَبَدَاً وَيُحْسِنَ سِيرَتِي وَطَوِيَّتِي
|
وَعَلَيْهِ
مُعْتَمَدِي وَمِنْهُ مَعُونَتِي
|
*
|
( يَا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي
|
رُزِقَ
الهُدَى مَنْ لِلْهِدَايَةِ يَسْأَلُ )
وآخرها :
هَذَا مُحَمَّدُ صَالحٍ العَبَّاسِ قَدْ
|
*
|
أَنْهَى بِعَونِ الرَّبِّ
تَخْمِيس قَصَدْ
|
وَالحمْدُ للهِ
الحمِيدِ إِلى الأَبَدْ
|
*
|
حَمْدَاً كَثِيراً لَا يُحَدُّ وَلَا يُعَدْ
|
طُوْلَ الدَّوَامِ لَهُ الثَّنَاءُ الأَجْزَلُ
7. الدُّرَّةُ الفَرِيدَة
: نظم العقيدة في التوحيد، من بحر الرجز، وعدد أبياتها ستٌ وستون بيتاً ، وقد طبعت
في مطبعة الإمام، أوَّلها :
بِاسْمِ الإِلَهِ خَالِقِ الإِنْسَانِ
|
*
|
أَكْرَمَهُ بِالعَقْلِ وَالبَيَانِ
|
قَالَ عُبَيْدُهُ أَقَلُّ النَّاسِ
|
*
|
أَعْنِي مُحَمَّدْ صَالِحَ العَبَّاسِي
|
وآخرها
:
أَطْلُبُ مَنْ يَرَاهُ مِنْ إِخْوَانِي
|
*
|
إِصْلَاحَ مَا جَنَيْتُ فِي
البَيَانِ
|
عُذْرِي صَحِيحٌ عَنْدَ أَصْحَابِ النَّظَرْ
|
*
|
لأَنَّنِي نَظَمْتُ ذَاك في الصِّغَرْ
|
8. التُّحَفُ الشَّهِيَّة
: من بحر الرجز، وهي نظم لعقيدة الإمام السيوطي ، وعدد أبياتها خمسة عشر بيتاً،
وقد طبعت في مطبعة الإمام، أوَّلها :
بِاسْمِ الإِلهِ المَلِكِ القَيُّوْمِ
|
*
|
مُزَيِّنُ السَّماءِ بِالنُّجُومِ
|
وَرَافِعُ السَّماءِ مِنْ غَيْرِ عَمَدْ
|
*
|
وَبَاسِطُ الأَرْضِ عَلَى مَاءٍ جَمَدْ
|
وآخرها
:
تَمَّ بِعَوْنِ المَلِكِ الإِلَهِ
|
*
|
نَظْمُ الفَقِيرِ إِبْنُ عَبْدِ
اللهِ
|
العَدُّ خُذْ ( الهَدَلَ ) وَجِدْ ( بِالمَهَرْ )
|
*
|
أَرَّخَهُ وَعْدٌ يَا ذَا الفَخَرْ
|
285
1348
9. نَظْمُ أَسْمَاءِ اللهِ
الحُسْنَى : من بحر الرجز، وعدد أبياتها ستة وعشرون بيتاً ، طبعت سابقاً ، أوَّلها
:
بِاللهِ وَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ
|
*
|
المَلِكِ القُدُّوْسِ وَالكَرِيمِ
|
الُمؤْمِنِ
المُهُيْمِنِ الجَبَّارِ
|
*
|
المُتَكَبِّرِ العَزِيْزِ البَارِي
|
وآخرها
:
أَسِيرُ ذَنْبِهِ أَقَلُّ النَّاسِ
|
*
|
الفَارِسيُّ مِنْ وَلَدِ العَبَّاسِ
|
أَبْيَاتُهُ ( هَاكَ ) بِلَا سُؤَالِ
|
*
|
تَارِيْخُهُ ( خُذْ هُمْ ) بِلَا جِدَالِ
|
26
1345
وللشَّيخ
مؤلَّفات أخرى متناثرة، وأبيات شعريَّة متفرِّقة، لعلَّ الله أن يهيِّأ لها من
يجمع مُتَنَاثِرَهَا، ويَنْظِمَ مُتَفَرِّقَهَا ([15])، كما أتمنَّى مِنْ كلِّ
مَنْ وقف على شيءٍ مِنْ مؤلَّفاتهِ أومنظوماتهِ، أو رسائلهِ أوصوره ([16])، أو الوثائقِ والمسْتنداتِ،
أنْ يُرشِدَنا إليها أو يطلعنا عليها، فالدالُّ على الخير كفاعله .
وفاته :
توفي الشَّيخ ـ : ـ فجر يوم السَّبت السَّابع من ذي القعدة
الحرام 1412 هـ، الموافق 10 مايو 1992م، عن عمر قارب التِّسعين، في الدَّعوة وخدمة
الدِّين، وصَلَّى عليه شيخنا نظام يعقوبي العبَّاسي وذلك بمسجد مقبرة المنامة ودفن
فيها، فجزاه الله عنَّا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وتغمَّده بفضله وكرمه .
****
([2])
يرجع نسبه إلى الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه، ولد :
في منطقة بستك من بلاد فارس، تلقَّى العلم على علماء بلده ثمَّ رحل إلى الآفاق
لطلب العلم كالبصرة والهند وكردستان ومكة المكرة والمدينة المنورة والإحساء ومصر،
وغيرها من البلاد، وبعد رجوعه جدَّ واجتهد، درَّس وألَّف، وأنشأ المدرسة
الرحمانيَّة في بستك، ثم في لنجَّة، وكثر عليه الطَّلبة، وتخرَّج منها العلماء،
توفي يوم السبت 3 / محرم / 1360 هـ .
([3])
وهذا المسجد لم يكن جامعاً إلا أن الشَّيخ العبَّاسي كان يرى ضرورة تحويله إلى
جامع تقام فيه الجمعة لحاجة النَّاس في تلك المنطقة، ودخل بسب ذلك في صراعات مع
بعض المشايخ والمسئولين حتَّى تمَّت الموافقة، وخطب فيه الشَّيخ العبَّاسي فيه
قرابة خمس سنوات تقريباً، ثمَّ تناوب الشَّيخ نظام يعقوبي والشَّيخ حسن
الشَّيخ على الخطابة فيه إلى أن تحوَّل
الشَّيخ نظام إلى جامع العدليَّة، واستقرَّت الخطابة للشَّيخ حسن الشَّيخ إلى
وقتنا، كلُّ ذلك في حياة الشَّيخ العبَّاسي .
([5])
فهو الذي حثَّ الشَّيخ نظام يعقوبي على الخطابة وإلقاء الدروس رغم صغر سنه، وأرشد
الشَّيخ عبد الله كاندي إلى دراسة علم الحديث بالجامعة الإسلاميَّة بمدينة
المنوَّرة، يقول الشيخ عبد الله كاندي : وقد أهداني بحضرة والدي الكريم منظومة
الرَّحبيَّة حاثَّاً لي على حفظها، وغير ذلك من المواقف الإرشاديَّة والدعويَّة .
سَمَّيْتُ
نَظْمِي بِمُزِيْلِ الظُّلْمَةِ
|
*
|
نَصَائِحٌ
جَمَعْتُهَا فِي الحكْمَةِ
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق